جاء طوفانُ نوحْ!
|
المدينةُ تغْرقُ شيئاً.. فشيئاً
|
تفرُّ العصافيرُ,
|
والماءُ يعلو.
|
على دَرَجاتِ البيوتِ
|
- الحوانيتِ -
|
- مَبْنى البريدِ -
|
- البنوكِ -
|
- التماثيلِ (أجدادِنا الخالدين) -
|
- المعابدِ -
|
- أجْوِلةِ القَمْح -
|
- مستشفياتِ الولادةِ -
|
- بوابةِ السِّجنِ -
|
- دارِ الولايةِ -
|
أروقةِ الثّكناتِ الحَصينهْ.
|
العصافيرُ تجلو..
|
رويداً..
|
رويدا..
|
ويطفو الإوز على الماء,
|
يطفو الأثاثُ..
|
ولُعبةُ طفل..
|
وشَهقةُ أمٍ حَزينه
|
الصَّبايا يُلوّحن فوقَ السُطوحْ!
|
جاءَ طوفانُ نوحْ.
|
هاهمُ "الحكماءُ" يفرّونَ نحوَ السَّفينهْ
|
المغنونَ- سائس خيل الأمير- المرابونَ- قاضى القضاةِ
|
(.. ومملوكُهُ!) -
|
حاملُ السيفُ - راقصةُ المعبدِ
|
(ابتهجَت عندما انتشلتْ شعرَها المُسْتعارْ)
|
- جباةُ الضرائبِ - مستوردو شَحناتِ السّلاحِ -
|
عشيقُ الأميرةِ في سمْتِه الأنثوي الصَّبوحْ!
|
جاءَ طوفان نوحْ.
|
ها همُ الجُبناءُ يفرّون نحو السَّفينهْ.
|
بينما كُنتُ..
|
كانَ شبابُ المدينةْ
|
يلجمونَ جوادَ المياه الجَمُوحْ
|
ينقلونَ المِياهَ على الكَتفين.
|
ويستبقونَ الزمنْ
|
يبتنونَ سُدود الحجارةِ
|
عَلَّهم يُنقذونَ مِهادَ الصِّبا والحضاره
|
علَّهم يُنقذونَ.. الوطنْ!
|
.. صاحَ بي سيدُ الفُلكِ - قبل حُلولِ
|
السَّكينهْ:
|
"انجِ من بلدٍ.. لمْ تعدْ فيهِ روحْ!"
|
قلتُ:
|
طوبى لمن طعِموا خُبزه..
|
في الزمانِ الحسنْ
|
وأداروا له الظَّهرَ
|
يوم المِحَن!
|
ولنا المجدُ - نحنُ الذينَ وقَفْنا
|
(وقد طَمسَ اللهُ أسماءنا!)
|
نتحدى الدَّمارَ..
|
ونأوي الى جبلٍِ لا يموت
|
(يسمونَه الشَّعب!)
|
نأبي الفرارَ..
|
ونأبي النُزوحْ!
|
كان قلبي الذي نَسجتْه الجروحْ
|
كان قَلبي الذي لَعنتْه الشُروحْ
|
يرقدُ - الآن - فوقَ بقايا المدينه
|
وردةً من عَطنْ
|
هادئاً..
|
بعد أن قالَ "لا" للسفينهْ
|
.. وأحب الوطن!
|
إرسال تعليق